فصل: قال أبو السعود في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقيل: اختلافهم: إقرارهم بأن الله تعالى أوجدهم وعبادتهم غيره والأقوال التي يقولونها في آلهتهم.
{يؤفك}: أي يصرف عنه، أي عن القرآن والرسول، قاله الحسن وقتادة.
{من أفك}: أي من صرف الصرف الذي لا صرف أشد منه وأعظم لقوله: «لا يهلك على الله إلا هالك».
وقيل: من صرف في سابق علم الله تعالى أنه مأفوك عن الحق لا يرعوي.
وقال الزمخشري: ويجوز أن يكون الضمير لما توعدون، أو للذي أقسم بالسماء على أنهم في قول مختلف في وقوعه، فمنهم شاك ومنهم جاحد.
ثم قال: يؤفك عن الإقرار بأمر القيامة من هو المأفوك.
وقيل: المأفوك عنه محذوف، وعن هنا للسبب، والضمير عائد على {قول مختلف}، أي يصرف بسببه من أراد الإسلام بأن يقول: هو سحر هو كهانة، حكاه الزهراوي والزمخشري، وأورده على عادته في إبداء ما هو محكي عن غيره أنه مخترعه.
وقال ابن عطية: ويحتمل أن يعود على {قول مختلف}، والمعنى: يصرف عنه بتوفيق الله إلى الإسلام من غلبت سعادته، وهذا على أن يكون في قول مختلف للكفار، إلا أن عرف الاستعمال في إفكه الصرف من خير إلى شر، فلذلك لا تجده إلا في المذمومين.
انتهى، وفيه بعض تلخيص.
وقرأ ابن جبير وقتادة: {من أفك} مبنيًا للفاعل، أي من أفك الناس عنه، وهم قريش.
وقرأ زيد بن علي: {يأفك عنه من أفك}، أي يصرف الناس عنه من هو مأفوك في نفسه.
وعنه أيضًا: {يأفك عنه من أفك}، أي يصرف الناس عنه من هو أفاك كذاب.
وقرىء: {يؤفن عنه من أفن} بالنون فيهما، أي يحرمه من حرم من أفن الضرع إذا نهكه حلبًا.
{قتل الخراصون}: أي قتل الله الخراصين، وهم المقدرون ما لا يصح.
{في غمرة}: في جهل يغمرهم، {ساهون}: غافلون عن ما أمروا به.
{أيان يوم الدين}: أي متى وقت الجزاء؟ سؤال تكذيب واستهزاء، وتقدمت قراءة من كسر الهمزة في قوله: {أيان مرساها} {وأيان يوم الدين}، فيكون الظرف محلًا للمصدر، وانتصب يومهم بمضمر تقديره: هو كائن، أي الجزاء، قاله الزجاج، وجوزوا أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي هو يومهم، والفتحة فتحة بناء لإضافته إلى غير متمكن، وهي الجملة الإسمية.
ويؤيده قراءة ابن أبي عبلة والزعفراني.
{يوم هم} بالرفع، وإذا كان ظرفًا جاز أن تكون الحركة فيه حركة إعراب وحركة بناء، وتقدم الكلام على إضافة الظرف المستقبل إلى الجملة الإسمية في غافر في قوله تعالى: {يوم هم بارزون} وقال بعض النحاة: يومهم بدل من {يوم الدين}، فيكون هنا حكاية من كلامهم على المعنى، ويقولون ذلك على سبيل الاستهزاء.
ولو حكى لفظ قولهم، لكان التركيب: يوم نحن على النار يفتنون.
{ذوقوا فتنتكم}: أي يقال لهم ذوقوا.
{هذا الذي}: مبتدأ وخبر. وقال الزمخشري: ويجوز أن يكون هذا بدلًا من {فتنتكم}، أي ذوقوا هذا العذاب. انتهى، وفيه بعد، والاستقلال خير من البدل.
ومعنى {تفتنون}: تعذبون في النار.
ولما ذكر حال الكفار، ذكر حال المؤمنين، وانتصب آخذين على الحال، أي قابليه راضين به، وذلك في الجنة.
وقال ابن عباس: {آخذين}: أي في دنياهم، {ما آتاهم ربهم} من أوامره ونواهيه وشرعه، فالحال محكية لتقدمها في الزمان على كونهم في الجنة.
والظاهر أن {قليلًا} ظرف، وهو في الأصل صفة، أي كانوا في قليل من الليل.
وجوز أن يكون نعتًا لمصدر محذوف، أي كانوا يهجعون هجوعًا قليلًا، وما زائدة في كلا الإعرابين.
وفسر أنس بن مالك ذلك فقال: كانوا يتنفلون بين المغرب والعشاء، ولا يدل لفظ الآية على الاقتصار على هذا التفسير.
وقال الربيع بن خيثم: كانوا يصيبون من الليل حظًا.
وقال مطرف، ومجاهد، وابن أبي نجيح: قل ليلة أتت عليهم هجوعًا كلها.
وقال الحسن: كابدوا قيام الليل لا ينامون منه إلا قليلًا.
وقال الضحاك: {كانوا قليلًا}، أي في عددهم، وثم خبر كان، ثم ابتدأ {من الليل ما يهجعون}، فما نافية، وقليلًا وقف حسن، وهذا القول فيه تفكيك للكلام، وتقدم معمول العامل المنفي بما على عامله، وذلك لا يجوز عند البصريين، ولو كان ظرفًا أو مجرورًا.
وقد أجاز ذلك بعضهم، وجاء في الشعر قوله:
إذا هي قامت حاسرًا مشمعلة ** يحسب الفؤاد رأسها ما تقنع

فقدم رأسها على ما تقنع، وهو منفي بما، وجوزوا أن تكون ما مصدرية في موضع رفع بقليلًا، أي كانوا قليلًا هجوعهم، وهو إعراب سهل حسن، وأن تكون ما موصولة بمعنى الذي، والعائد محذوف تقديره: {كانوا قليلًا من الليل} من الوقت الذي يهجعون فيه، وفيه تكلف.
ومن الليل يدل على أنهم مشغولون بالعبادة في أوقات الراحات، وسكون الأنفس من مشاق النهار.
{وبالأسحار هم يستغفرون}، فيه ظهور على أن تهجدهم يتصل بالأسحار، فيأخدون في الاستغفار مما يمكن أن يقع فيه تقصير وكأنهم أجرموا في تلك الليالي، والأسحار مظنة الاستغفار.
وقال ابن عمرو الضحاك: يستغفرون: يصلون.
وقال الحسن: يدعون في طلب المغفرة، والظاهر أن قيام الليل وهذا الحق في المال هو من المندوبات، وأكثر ما تقع زيادة الثواب بفعل المندوب.
وقال القاضي منذر بن سعيد: هذا الحق هو الزكاة المفروضة، وضعف بأن السورة مكية، وفرض الزكاة بالمدينة.
وقيل: كان فرضًا، ثم نسخ وضعف بأنه تعالى لم يشرع شيئًا بمكة قبل الهجرة من أخد الأموال.
والسائل: الذي يستعطي، والمحروم: لغة الممنوع من الشيء، قال علقمة:
ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمة ** أنى توجه والمحروم محروم

وأما في الآية، فالذي يحسب غنيًا فيحرم الصدقة لتعففه.
وقيل: الذي تبعد منه ممكنات الرزق بعد قربها منه فيناله الحرمان.
وقال ابن عباس: المحارب الذي ليس له في الإسلام سهم مال.
وقال زيد بن أسلم: هو الذي أجيحت ثمرته.
وقيل: الذي ماتت ماشيته.
وقال عمر بن عبد العزيز: هو الكلب.
وقيل: الذي لا ينمي له مال.
وقيل: المحارف الذي لا يكاد يكسب.
وقيل غير ذلك، وكل هذه الأقوال على سبيل التمثيل لا التعيين، ويجمعها أنه الذي لا مال له لحرمان أصابه.
{وفي الأرض آيات} تدل على الصانع وقدرته وتدبيره من حيث هي كالبساط لما فوقها، وفيها الفجاج للسلاك، وهي متجزئة من سهل ووعر وبحر وبر، وقطع متجاورات من صلبة ورخوة ومنبتة وسبخة، وتلقح بأنواع النبات، وفيها العيون والمعادن والدواب المنبتة في بحرها وبرها المختلفة الأشكال.
وقرأ قتادة: آية على الإفراد، {للموقنين}: وهم الذين نظروا النظر الصحيح، وأداهم ذلك إلى إيقان ما جاءت به الرسل، فأيقنوا لم يدخلهم ريب.
{وفي أنفسكم} حال ابتدائها وانتقالها من حال إلى حال، وما أودع في شكل الإنسان من لطائف الحواس، وما ترتب على العقل الذي أوتيه من بدائع العلوم وغريب الصنائع، وغير ذلك مما لا ينحصر.
{وفي السماء رزقكم}، قال الضحاك ومجاهد وابن جبير: المطر والثلج، لأنه سبب الأقوات، وكل عين دائمة من الثلج.
وقال مجاهد أيضًا وواصل الأحدب: أراد القضاء والقدر، أي الرزق عند الله يأتي به كيف شاء، {وما توعدون}: الجنة، أو هي النار، أو أمر الساعة، أو من خير وشر، أو من ثواب وعقاب، أقوال المراد بها التمثيل لا التعيين.
وقرأ ابن محيصن: {أرزاقكم} على الجمع، والضمير في إنه عائد على القرآن، أو إلى الدين الذي في قوله: {وإن الدين لواقع}، أو إلى اليوم المذكور في قوله: {أيان يوم الدين}، أو إلى الرزق، أو إلى الله، أو إلى النبي صلى الله عليه وسلم، أقوال منقولة.
والذي يظهر أنه عائد على الإخبار السابق من الله تعالى فيما تقدم في هذه السورة من صدق الموعود ووقوع الجزاء، وكونهم في {قول مختلف}، و{قتل الخراصون}، وكينونة المتقين في الجنة على ما وصف، وذكر أوصافهم وما ذكر بعد ذلك، ولذلك شبه في الحقيقة بما يصدر من نطق الإنسان بجامع ما اشتركا فيه من الكلام.
وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر، والحسن، وابن أبي إسحاق، والأعم: بخلاف عن ثلاثتهم.
مثل بالرفع: صفة لقوله: {لحق}؛ وباقي السبعة، والجمهور: بالنصب، وقيل: هي فتحة بناء، وهو نعت كحاله في قراءة من رفع.
ولما أضيف إلى غير متمكن بنى، وما على هذا الإعراب زائدة للتوكيد، والإضافة هي إلى أنكم تنطقون.
وقال المازني: بنى مثل، لأنه ركب مع ما، فصار شيئًا واحدًا، ومثله: ويحما وهيما وابنما، قال حميد بن ثور:
ألا هيما مما لقيت وهيما ** وويحًا لمن لم يلق منهن ويحما

قال: فلولا البناء لكان منونًا، وقال الشاعر:
فأكرم بنا أو أمًا وأكرم بنا ابنما

انتهى هذا التخريج.
وابنما ليس ابنا بني مع ما، بل هذا من باب زيادة الميم فيه، واتباع ما في الآخر، إذ جعل في الميم الإعراب.
تقول: هذا ابنم، ورئت ابنما، ومررت بابنم، وليست ما في الثلاث في ابنما مركبة مع ما، كما قال: الفتحة في ابنما حركة إعراب، وهو منصوب على التمييز، وأنشد النحويون في بناء الاسم مع الحرف قول الراجز:
أثور ما أصيدكم أو ثورين ** أم تيكم الجماء ذات القرنين

وقيل: هو نعت لمصدر محذوف تقديره: إنه لحق حقًا مثل ما أنكم، فحركته حركة إعراب.
وقيل: انتصب على أنه حال من الضمير المستكن في {لحق}.
وقيل: حال من لحق، وإن كان نكرة، فقد أجاز ذلك الجرمي وسيبويه في مواضع من كتابه.
والنطق هنا عبارة عن الكلام بالحروف والأصوات في ترتيب المعاني.
ويقول الناس: هذا حق، كما أنك هاهنا وهذا حق، كما أنك ترى وتسمع، وهذا كما في الآية.
وما زائدة بنص الخليل، ولا يحفظ حذفها، فتقول: ذا حق كأنك ههنا، والكوفيون يجعلون مثلًا محلى، فينصبونه على الظرف، ويجيزون زيد مثلك بالنصب، فعلى مذهبهم يجوز أن تكون مثل فيها منصوبًا على الظرف، واستدلالهم والرد عليهم مذكور في النحو.
ومن كلام بعض الأعراب: من ذا الذي أغضب الخليل حتى حلف، لم يصدقوه بقوله حتى ألجأوه إلى اليمين. اهـ.

.قال أبو السعود في الآيات السابقة:

{والذريات ذَرْوًا} أي الرياحِ التي تذرُو الترابَ وغيره وقرىء بإدغام التاء في الذال {فالحاملات وِقرًا} أيِ السحبِ الحاملةِ للمطرِ أو الرياحِ الحاملةِ للسحابِ وقُرِىءَ {وَقرا} عَلى تسميةِ المحمولِ بالمصدرِ {فالجاريات يُسْرًا} أيِ السفن الجاريةِ في البحرِ أو الرياحِ الجاريةِ في مهابِّها أوِ السحبِ الجاريةِ في الجوِّ بسوقِ الرياحِ أوِ الكواكبِ الجاريةِ فِي مجارِيها ومنازِلِها و{يُسْرًا} صفةٌ لمصدرٍ محذوفٍ أيْ جريًا ذَا يُسْرٍ {فالمقسمات أَمْرًا} أي الملائكةِ الَّتيِ تقسّمُ الأمورَ منَ الأمطارِ والأرزاقِ وغيرِها أو السحبِ التَّي يقسمُ الله تعالى بَها أرزاقَ العبادِ وَقَدْ جُوِّزَ أنْ يرادَ بالكُلِّ الرياحُ تنزيلًا لاختلافِ العنوانِ منزلةِ اختلافِ الذاتِ فإنَّها كما تذرُو ما تذرُوه تثيرُ السحابَ وتحملُه وتجْري في الجوِّ جريًا سهلًا وتقسمُ الأمطارَ بتصريفِ السحابِ في الأقطارِ، فإنْ حُملت الأمورُ المقسمُ بها على ذواتٍ مختلفةٍ فالفاءُ لترتيبِ الإقسامِ باعتبارِ ما بينها من التفاوت في الدلالة على كمالِ القدرةِ وإلاَّ فهيَ لترتيبِ ما صدرَ عن الريحِ مِنَ الأفاعليلِ فإنَّها تذْرو الأبخرةَ إلى الجوِّ حتَّى تنعقدَ سحابًا فتجريَ بهِ باسطةً لهُ إلى ما أمرتْ بهِ فتقسمُ المطرَ وقوله تعالى: {إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لصادق وَإِنَّ الدين لَوَاقِعٌ} جوابٌ للقسمِ، وفي تخصيصِ الأمورِ المذكورةِ بالإقسامِ بَها رمزٌ إلى شهادتِها بتحققِ مضمونِ الجملةِ المقسمِ عليهَا منْ حيثُ إنَّها أمورٌ بديعةٌ مخالفةٌ لمقتضَى الطبيعةِ فمَنْ قدرَ عَلَيها فهُو قادرٌ عَلى البعثِ الموعودِ، ومَا مَوْصُولةٌ أوْ مَصدريةٌ ووصفُ الوعدِ بالصدقِ كوصفِ العيشةِ بالرِّضَا وَالدِّينُ الجزاءُ ووقوعُه حصولُه.
{والسماء ذَاتِ الحبك} قال ابنُ عبَّاسٍ وقتادةُ وعكرمةُ ذاتُ الخَلْقِ المُستوِي وقال سعيدُ بنُ جُبَيرٍ ذاتُ الزينةِ وقال مجاهدٌ هيَ المتقنةُ البنيانِ وقال مقاتلٌ والكلبيُّ والضَّحاكُ ذاتُ الطرائقِ والمرادُ إمَّا الطرائقُ المحسوسةُ التَّي هيَ مسيرُ الكواكبِ أوِ المعقولةُ التَّي يسلُكُها النظارُ أوِ النجومُ فإنَّ لهَا طرائقَ وعنِ الحسنِ حَبْكُها نُجُومُها حيثُ تزينُها كما تزينُ المُوشَّى طرائقُ الوَشْي. وهيَ إمَّا جمعُ حِبَاكٍ أو حَبِيكةٍ كَمِثَالٍ ومُثُلٍ وطَريقةٍ وطُرُق وقُرِىءَ {الحُبْكِ} بوزنِ القُفْلِ والحِبْكِ بوزنِ السِّلْكِ والحَبَكِ كالجَبَلِ والحَبْكِ كالبَرقِ والحِبَكِ كالنِّعَمِ والحِبِكِ كالإِبِلِ.
{إِنَّكُمْ لَفِى قول مُّخْتَلِفٍ} أيْ متخالفٍ متناقضِ وهُوَ قولهم في حقِّه عليهِ الصَّلاةُ والسلام تارةً شاعرٌ وأخْرى ساحرٌ وأخرى مجنونٌ وفي شأنِ القرآن الكريمِ تارةً شعرٌ وأُخْرى سحرٌ وأُخْرى أساطيرُ، وفي هَذا الجوابِ تأييدٌ لكونِ الحبكِ عبارةً عنْ الاستواءِ كَما يلوحُ بهِ ما نُقلَ عنِ الضَّحاكِ منْ أنَّ قول الكفرةِ لا يكونُ مستويًا إنَّما هُو متناقضٌ مختلفٌ، وقيلَ: النكتةُ في هذا القسمِ تشبيهُ أقوالِهم في اختلافِها وتنافِي أغراضِها بطرائقِ السمواتِ في تباعدِها واختلافِ غاياتِها وليسَ بذاكَ.
{يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} أيْ يُصرفُ عنِ القرآن أو الرسولِ عليهِ الصَّلاةُ والسلام منْ صُرفَ إذْ لا صرفَ أفظعُ منْهُ وأشدُّ وقيلَ: يَصرفُ عَنْهُ منْ صُرفَ في علمِ الله تعالى وقضائِه ويجوزُ أنْ يكونَ الضميرُ للقول المختلفِ عَلى مَعْنى يصدرُ إفكُ منْ أفكَ عنْ ذلكَ القول وقُرِىءَ {مَنْ أفكَ} أيْ مَنْ أفكَ الناسَ وهُم قريشٌ حيثُ كانُوا يصدونَ الناسَ عنِ الإيمانِ.
{قُتِلَ الخراصون} دعاءٌ عليهمْ كقوله تعالى: {قُتِلَ الإنسان مَا أَكْفَرَهُ} وأصلُه الدعاءُ بالقتلِ والهلاكِ ثمَّ جَرى مَجرى اللعنِ و{الخرَّاصُونَ} الكذَّابُونَ المقدرونَ ما لا صحةَ لهُ وهُم أصحابُ القول المختلفِ كأنَّه قيلَ قُتِلَ هؤلاءِ الخرَّاصُونَ وَقُرِىءَ {قَتَل الخَرَّاصينَ} أيْ قتلَ الله {الذين هُمْ في غَمْرَةٍ} منَ الجهلِ والضَّلالِ {ساهون} غافلونَ عَمِّا أُمروا بهِ.